الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
.تفسير الآيات (9- 11): .شرح الكلمات: {من يوم الجمعة}: أي في يوم الجمعة وذلك بعد الزوال. {فاسعوا إلى ذكر الله}: أي امضوا إلى الصلاة. {وذروا البيع}: أي اتركوه، وإذا لم يكن بيع لم يكن شراء. {وابتغوا من فضل الله}: أي اطلبوا الرزق من الله تعالى بالسع والعمل. {تفلحون}: أي تنجون من النار وتدخلون الجنة. {انفضوا إليها}: أي إلى التجارة. {وتركوا قائماً}: أي على المنبر تخطب يوم الجمعة. {ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة}: أي ما عند الله من الثواب في الدار الآخرة خير من اللهو ومن التجارة. {والله خير الرازقين}: أي فاطلبوا الرزق منه بطاعة واتباع هداه. .معنى الآيات: وقوله: {ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} أي ترك الأعمال من بيع وشراء وغيرها والمضيُّ إلى أداء صلاة الجمعة وسماع الخطبة خير ثوابا عاقبة. وقوله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة} أي أديت وفرغ منها فانتشروا في الأرض أي لكم بعد انقضاء الصلاة أن تتفرقوا حيث شئتم في أعمالكم اذكروا الله ولا تنسوه واذكروه ذكراً كثيراً لعلكم تفلحون أي رجاء فلاحكم وفوزكم في دنياكم وآخرتكم. وقوله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً} هذه الآية نزلت في شأن قافلة زيت كان صحابها دحية بن خليفة الكلبى الأنصارى رضي الله عنه قدمت من الشام، وكان عادة أهل المدينة إذا جاءت قافلة تجارية تحمل الميرة يستقبلونها بشيء من اللهو كضرب الطبول والمزامير. وصادف قدوم القافلة يوم الجمعة والناس في المسجد، فلما انقضت الصلاة وطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يخطب، وكانت الخطبة بعد الصلاة لا قبلها كما هي بعد ذلك فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الا اثنا عشر رجلاً وامرأة فنزلت هذه الآية تعيب عليهم خروجهم وتركهم نبيهم يخطب. فقال تعالى في صورة عتاب شديد {وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا اليها} أي خرجوا إليها {وتركوك} يا رسولنا {قائما} على المنبر تخطب. وقوله تعالى: {قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة} أي أعلمهم يا نبينا أن ما عند الله ن ثواب الآخرة خير من اللهو التجارة التي جرجتم إليها، {والله خير الرازقين} فاطبلا الرزق منه بطاعته وطاعة رسوله ولا يتكرر منكم مثل هذا الصنيع الشين. وإلا فقد تتعرضون لعذاب عاجل غير آجل. .من هداية الآيات: 2- حرمة البيع والشراء وسائر العقود إذا شرع المؤذن يؤذن الاذان الثاني. 3- الترغيب في ذكر الله والإِكثار منه والمرء يبيع ويشترى ويعمل ويصنع ولسانه ذاكر. 4- ينبغي أن لا يقل المصلون الذين تصح صلاة الجمعة بهم عن اثنى عشر رجلاً أخذاً من حادثة انفضاض الناس عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يخطب إلى القافلة لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً. .سورة المنافقون: .تفسير الآيات (1- 4): .شرح الكلمات: {قالوا نشهد إنك لرسول الله}: أي قالوا بألسنتهم ذلك وقولهم على خلافه. {والله يشهد إنَّ المنافقين لكاذبون}: أي والله يعلم أن المنافقين لكاذبون أي بما أضمروه من أنك غير رسول الله. {اتخذوا ايمانهم جنة}: أي سترة ستروا بها أموالها وحقنوا بها دماءهم. {فصدوا عن سبيل الله}: أي فصدوا بها عن سبيل الله أي الجهاد فيهم. {إنهم ساء ما كانوا يعلمون}: أي قبح ما كانوا يعملونه من النفاق. {ذلك}: أي سوء عملهم. {بأنهم آمنوا ثم كفروا}: أي آمنوا بألسنتهم، ثم كفروا بقلوبهم أي استمروا على ذلك. {فطبع على قلوبهم}: أي ختم عليها بالكفر. {فهم لا يفقهون}: أي الإِيمان أي لا يعرفون معناه ولا صحته. {تعجبك أجسامهم}: أي لجمالها إذ كان ابن أبي جسيما صحيحاً وصبيحاً ذلق اللسان. {وإن يقولوا تسمع لقولهم}: أي لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم. {كأنهم خشب مسندة}: أي كأنهم من عظم أجسامهم وترك التفهم وعدم الفهم خشب مسندة أي أشباح بلا أرواح، وأجسام بلا أحلام. {يحسبون كل صيحة عليهم}: أي يظنون كل صوت عال يسمعونه كنداء في عسكر أو إنشاد ضالة عليهم وذلك لما في قلوبهم من الرعب أن ينزل فيهم ما يبيح دماءهم. {هم العدو فاحذرهم}: أي العدو التام العداوة فاحذرهم أن يفشوا سرك أو يريدوك بسوء. {قاتلهم الله أنى يؤفكون}: أي لعنهم الله كيف يصرفون عن الإِيمان وهم يشاهدون أنواره وبراهينه. .معنى الآيات: قوله إذا جاءك المنافقون أي إذا حضر مجلسك المنافقون عبد الله بن أبي ورفاقه قالوا نشهد إنك لرسول الله وذلك بألسنتهم دون قلوبهم. قال تعالى: {والله يعلم إنك لرسوله} سواء شهد بذلك المنافقون أو لم يشهدوا. والله يشهد إنَّ المنافقين لكاذبون في شهادتهم لعدم مطابقة قولهم لاعتقادهم. اتخذوا أيمانهم جنة أي جعلوا من أيمانهم الكاذبة جنة كجنة المقاتل يسترون بها كما يستتر المحارب بجنته فوق رأسه، فهم بأيمانهم الكاذبة أنهم مؤمنون وقوا بها أنفسهم وأواجهم وذرياتهم من القتل والسبي، وبذلك صدوا عن سبيل الله أنفسهم وصدوا غيرهم ممن يقتدون بهم وصدوا المؤمنين عن جهادهم بما أظهروه من إيمان صورى كاذب. قال تعالى: {إنهم ساء ما كانوا يعملون} يذم تعالى حالهم ويقبح سلوكهم ذلك وهو اتخاذ أيمانهم جنة وصدهم عن سبيل الله وقوله تعالى الآية رقم (3): {ذلك بأنهم أمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم} أي سوء عملهم وقبح سلوكهم ناتج عن كونهم آمنوا ثم شكوا أو ارتابوا فنافقوا وترتب على ذلك أيضاً الطبع على قلبوهم فهم لذلك لا يفقهون معنى الايمان ولا صحته من بطلانه وهذا شأن من توغل في الكفر أن يختم على قلبه فلا يجد الإِيمان طريقاً إلى قلب قد أقفل عليه بطابع الكفر وخاتم النفاق والشك والشرك. وقوله تعالى في الآية (4): {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم} أي وإذا رأيت يا رسولنا هؤلاء المنافقين ونظرت إليهم تعجبك أجسامهم لجمالها إذ كان أبن أبي جسيما صبيحاً وإن يقولوا تسمع لقولهم وذلك لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم. وقوله تعالى: {كأنهم خشب مسندة} وهو تشبيه رائع: انهم لطول أجسامهم وجمالها وعدم فهمهم وقلة الخير فيهم كأنهم خشب مسندة على جدار لا تشفع ولا تنفع كما يقال. وقوله تعالى: {يحسبون كل صيحة عليهم} وذلك لخوفهم والرعب المتمكن من نفوسهم نتيجة ما يضمرون من كفر وعداء وبغض للإِسلام وأهله فهم إذا سمعوا صيحة في معسكر أو صوت منشد ضاله يتوقعون أنهم معنيون بذلك شأن الخائن وأكثر ما يخافون أن ينزل القرآن بفضيحتهم وهتك أستارهم. قال تعالى هم العدو فاحذرهم يا رسولنا إن قلوبهم مع أعدائك فهم يتربصون بك الدوائر. قال تعالى: {قاتلهم الله أني يؤفكون} فسجل عليهم لعنة لا تفارقهم إلى يوم القيامة كيف يصرفون عن الحق وأنواره تغمرهم القرآن ينزل والرسول يعلم ويزكى وآثار ذلك في المؤمنين ظاهرة في آرائهم وأخلاقهم. ولم يشاهدوا شيئاً من ذلك والعياذ بالله من عمى القلوب وانطماس البصائر. .من هداية الآيات: 2- التحذر من الاستمرار على المعصية فإنه يوجب الطبع على القلب ويُحرم صاحبه الهداية. 3- التحذير من الاغترار بالمظاهر كحسن الهندام وفصاحة اللسان. 4- الكشف عن نفسية الخائن والظالم والمجمين وهو الخوف والتخوف من كل سوت أو كلمة خشية أن يكون ذلك بيانا لحالهم وكشفاً لجرائمهم. .تفسير الآيات (5- 8): .شرح الكلمات: {لووا رؤوسهم}: أي رفضوا الاعتذار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. {ورأيتهم يصدون}: أي يعرضون عما دعوا إليه وهم مستكبرون. {سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم} أي يا رسولنا. {لن يغفر الله لهم}: أي أيأس من مغفرة الله لهم. {إن الله لا يهدى القوم الفاسقين}: أي لأن من سنة الله انه لا يهدى القوم الفاسقين المتوغلين في الفسق عن طاعة الرب تعالى وهم كذلك. {يقولون}: أي لأهل المدينة. {لا تنفقوا على من عند رسول الله}: أي من المهاجرين. {حتى نفضوا}: أي يتفرقوا عنه. {لئن رجعنا إلى المدينة}: أي من غزوة كانوا فيها هي غزوة بنى المصطلق. {ليخرجن الاعز منها الأذل}: يعنون بالأعز أنفسهم، وبالأذل المؤمنين. {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}: أي الغلبة والعلو والظهور. .معنى الآيات: ولما نزلت هذه السورة بفضيحته جاءه من قال له: يا أبا الحباب (كنية ابن أبي) إنه قد نزل فيك آي شِداد فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك فلوى رأسه أي عطفه إلى جهة غير جهة من يخاطبه وقال: أمرتموني أن أؤمن فآمنت وأمرتمونى أن أعطى زكاة مالى فأعطيت فما بقى إلا أن أسجد لمحمد صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآيات الثلاث وإذا قيل لهم تعالوا أي معتذرين يستغفر لكم رسول الله. لووا رؤوسهم أي رفضوا العرض ورأيتهم يصدون عنك وهم مستكبرون والمراد بهم ابن أبي عليه لعائن الله قال تعالى لرسوله: سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم فأيأس رسوله من المغفرة لهم، وعلل تعالى ذلك بقوله: {إن الله لا يهدى القوم الفاسقين} وابن أبي من أكثر الفاسقين فسقاً! إذ جمع بين الكذب والحلف الكاذب والنفاق والشقاق والعداء والكبر والكفر الباطنى وذكر تعالى قولات هذا المنافق واحدة بعد واحدة فقال هم الذين يقولون: لا تنفقوا على من عند رسول الله أي قال لإِخوانه لا تنفقوا على المهاجرين حتى يتفرقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرعه رب العزة وأدبه ببيان فساد ذوقه ورأيه فقال تعالى: {ولله خزائن السموات والأرض} فجميع الأرزاق بيده وهو الذي يزرق من يشاء والمنافق نفسه رزقه على الله فكيف يدعى انه إذا لم ينفق على من عند رسول الله يجوعون فيتفرقون يطلبون الرزق بعيداً عن محمد صلى الله عليه وسلم. ولكن المنافقين لعماهم وظلمة نفوسهم ومرض قلوبهم لا يفقهون هذا ولا يفهمونه، ولذا قال رئيسهم كلمته الخبيثة. تلك كانت القولة الأولى. والثانية هي قوله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. قالها في غزوة بني المصطلق وهي غزوة سببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُعلم أن بني المصطلق يجتمعون لحربه وقائدهم الحارث بن أبي ضرار وهو أبو جويريه زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدى أمهات المؤمنين. فلما سمع بذلك خرج إليهم حتى لقبهم على ماء من مياههم يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل فوقع القتال فهزمالله بنى المصطلق وأمكن رسوله من أبنائهم ونسائهم وأموالهم وأفاءها على المؤمنين، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه جويرية بوصفها بنت سيد القوم إكراماً لها ثم عتقها وتزوجها فرأى المؤمنون أن ما بأيديهم من السبي لا ينبغي لهم وقد أصبحوا أصهار نبيهم فعتقوا كل ما بأيديهم فقالت عائشة رضي الله عنها ما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها من جويرية بنت الحارث فقد أُعتق بتزويج رسول الله لها مائة أهل بيت من بنى المصطلق. في هذه الغزاة قال ابن أبي قولته الخبيثة وذلك أن رجلين انصارياً ومهاجراً تلاحيا على الماء فكسع المهاجر الانصارى برجله فصاح ابن أبي قائلا عليكم صاحبكم، ثم قال: والله ما مثلنا ومحمد إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل وغاب عن ذهن هذا المنافق أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين أي الغلبة والظهور والعلو لا للمنافقين والمشركين الكافرين ولكن المنافقين لا يعلمون ذلك ولا غيره لعمى بصائرهم ولما بلغ الغزاة المدينة وقف عبد الله بن عبد الله بن أبي في عرض الطريق واستل سيفه فلما جاء أبوه يمر قال له والله لا تمر حتى تقول: محمد الأعز وأنا الأذل، فلم يبرح حتى قالها: وكان ولده مؤمناً صادقاً من خيرة الأنصار. .من هداية الآيات: 2- ذمّ الإِعراض والاستكبار عن التوبة والاستغفار. فمن قيل له استغفر الله فليستغفر ولا يتكبر بل عليه أن يقول: استغفر الله أو اللهم اغفر لي. 3- مصادر الرزق كلها بيد الله تعالى فليطلب الرزق بطاعة الله ورسوله لا بمعصيتهما. 4- العزة الحقة لله ولرسوله وللمؤمنين، فلذا يجب على المؤمن أن لا يذل ولا يهون لكافر. .تفسير الآيات (9- 11): .شرح الكلمات: {عن ذكر الله}: كالصلاة والحج وقراءة القرآن وذكر الله بالقلب واللسان. {ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخسرون}: أي ومن أَلهته أمواله وأولاده عن أداء الفرائض فترك الصلاة أو الحج وغيرهما من الفرائض فقد خسر ثواب الآخرة. {وأنفقوا مما رزقكم الله}: أي النفقة الواجبة كالزكاة وفي الجهاد والمستحبة. {لولا أخرتني}: أي هلا أخرتني يطلب التأخير ولا يقبل منه. {فأصّدق وأكن من الصالحين}: أي حتى أزكى وأحد وأكثر من النوافل والأعمال الصالحة. .معنى الآيات: .من هداية الآيات: 2- حرمة تأخير الحج مع القدرة على أدائه تسويفاً وتماطلاً مع الإِيمان بفرضيته. 3- وجوب الزكاة والترغيب في الصدقات الخاصة كصدقة الجهاد والعامة على الفقراء والمساكين. 4- تقرير عقيدة البعث والجزاء. .سورة التغابن: .تفسير الآيات (1- 4): .شرح الكلمات: {ما في السموات وما في الأرض الأرض}: أي من سائر المخلوقات بلسان الحال والقال. {له الملك وله الحمد}: أي له دون غيره الملك الدائم الحق وله الحمد العام. {وهو على كل شيء قدير}: أي هو ذو قدرة كاملة على فعل ما أراد ويريد. {فمنكم كافر ومنكم مؤمن}: أي فبعضكم مؤمن موقن ببه ولقائه وبعضكم كافر جاحد دُهرى، والواقع شاهد. {وصوركم فأحسن صوركم}: أي صوركم في الأرحام فأحسن صوركم. {وإليه المصير}: أي المرجع يوم القيامة. {والله عليم بذات الصدور}: أي بما في الصدور من الضمائر والسرائر. .معنى الآيات: أخبر عباده بهذا ليؤمنوا به ويعبدوه دون غيره فيكملون ويسعدون بعبادته فله الحمد وله المنة وهو الرحمن الرحيم. .من هداية الآيات: 2- تقرير عقيدة القضاء والقدر إذ المؤمن مؤمن، والكافر كافر مكتوب ذلك في كتاب المقادير، ثم يظهره تعالى في عالم الشهادة قائما على سننه في خلقه. 3- وجوب مراقبة الله تعالى والحياء منه لأنه عليم بذات الصدور.
|